راي برادبيري: كيف تطعمُ ربّة الإلهام وتستبقيها؟ | ترجمة: أحمد العلي
سيطيرُ الفنُّ لو أمسكناه بقبضةٍ واهنة ليست سهلةً، و لم يستطع أحدٌ قط أن يستدرجها بثبات. أولئك الذين حاولو بقسوةٍ، أفزعوها نحو الغابة، وأولئك الذين أداروا ظهورهم لها و مشوا بخفّةٍ، باعثينَ صفيراً رقيقاً من بين أسنانهم، يسمعونها تخطو بهدوءٍ خلفهم، مُنجذبةً بحَذَرٍ و ترفُّع. نحن بالطبع نتحدث عن الإلهام. الكلمة هذه قد سقطت خارج اللغة في وقتنا، حتى أننا نبتسم في أغلب الأحيان عندما تطرُقُ سمعنا و تتداعى لنا صورٌ لإحدى ربّات الإلهام الإغريقية الرقيقة، مُرتديةً وريقات السرخس، متناولةً القيثار، تمسحُ جبينَ الكاتب المُتعرّق. ربّةُ الإلهام، إذاً، أكثرُ العذارى ذُعراً، و من بينهن جميعاً لا تبدأُ إلا إذا سمعَت جَرَساً، يمتقعُ لونها إذا وَجّهتَ إليها الأسئلة، تدورُ بسُرعةٍ و تتلاشى لو أزعجتَ فستانها. ما الذي يُصيبها بالتوعُّك؟ قُل ما بدى لك. لماذا تجفُلُ أمامَ التحديق؟ من أين تجيءُ وتمضي إلى أين؟ كيف نأتي بها لتزورنا لفتراتٍ أطوَلَ من الوقت؟ ما الجوُّ الذي يسُرُّها؟ هل تستلطفُ الأصواتَ الصاخبة، أم الخفيضة؟من أين تبتاعُ لها الغذاء، و بأيّةِ جَودَةٍ و بأيِّ مقدارٍ، وما هي أوقاتُ طعامها؟ نستطيع أن ...