تضاريس الكتابة نثر الشعراء نموذجا | خيري منصور

حتى وقت قريب كانت تضاريس الكتابة محفورة بأدوات نقدية حادة أشبه بالفؤوس، بحيث يقدم الشعر والنثر كما لو أنهما مستقيمان متوازيان لا يلتقيان، وكان لا بد من بطل كوميدي كالذي تخيله موليير، كي يكتشف بأنه ناثر لمجرد أنه يتكلم، وما يقوله ليس شعرا، كما كان أيضا لا بد من رولان بارت كي يعود بالكتابة إلى درجة الصفر، وتبدو خانات الأنواع أشبه بأثلام في أرض مزروعة، هي من التراب ذاته رغم اختلاف الأشجار أو الأعشاب التي تغطي تلك الأثلام. وقد انقضى ذلك الزمن الذي كانت منابع الشعر فيه من جبل الأولمب أو من وادي عبقر، بحيث يعير شاعر آخر بأن شيطانه الملهم أنثى وليس ذكرا، وأن الموهبة هي فصيلة دم أخرى إذ تكفي وحدها لتحويل التراب إلى ذهب والنثر إلى شعر، كما حدث لميداس الأغريقي في الأسطورة. الفن بمختلف تجلياته شعرا ورسما وعزفا ونحتا ليس مجرد عرق من طراز آخر تفرزه غدة مجهولة الإقامة في الجسد، لهذا كان منه الفطري الذي توقف عند حد ما مثلما كان منه وليد المران والخبرة والحواس المدربة، بل المثقّفة إذا شئنا استخدام مصطلح نقدي قديم، فالشاعر صانع أيضا لهذا أهدى ت. س. إليوت قصيدة «الأرض اليباب» إلى إزرا باوند ناعتا إياه ب...